نحن نجد الآن من يتكلم عن مسألة الحجاب ويقول أن هذا الحجاب ليس من الإسلام وإنما هو شئ سياسي أو فلكلور .. ويخرج علينا بعض الدعاة يقولون هذا الكلام ، فكيف نتعامل مع هذا الوضع ومع من يقولون ذلك فى ظل أدب الإسلام وأدب الخلاف ؟
إبتداءً نؤكد على المعنى الأول وهو "أنه لا ينكر على المُختلفِ فيه وإنما ينكر على المُجتمعٍ فيه" فلايكون انكاراً فيما كان موضع خلاف واجتهاد لكن ما هى المسائل الإجتهادية التى ينبغى أن لا ينكر فيها على المخالف ، كل مسألة لم تكن موضعا لدليل قاطع من نص صحيح أو إجماع صريح .
ثم يرد على هذا أمران ، الأمر الأول أنه (ليس كل خلاف جاء معتبراً إلا خلاف له حظ من النظر) فما اعتبر من قبيل زلات العلماء والفلتات فهذا لا ينبغى أن ندخله فى نسيج المسائل الإجتهادية حتى لا ندخل فى نسيج الشريعة ما ليس منها وقد علمت أن هذا من قبيل الخلل المحض ومن قبيل الزلل المحض.
على سبيل المثال قد تجد من يقول لك أن ابن عباس قد نسب له قول بحل نكاح المتعة ، فهل تصبح قضية نكاح المتعة قضية خلافية فى الأوساط السنية لأن قول قد نسب لإبن عباس بحل نكاح المتعة ، قد تجد قولاً ينتسب الى منتسب الى العلم فى بلد ما وفى منطقة ما بحل فوائد البنوك فهل تصبح فوائد البنوك قضية خلافية كسائر القضايا الخلافية إذ لا ينكر فيها على المخالف ، قد تجد من يقول لك أن الحجاب كله بدعة ويمكن تعبير الحجاب فى لغة الصحافة يختلف عنه فى لغة الفقهاء ، لعله فى لغة الصحافة يقصد به تغطية ما دون الوجة والكفين لكن الحجاب فى لغة القرآن وفى لغة الشريعة الحجاب الكامل "وإذا سألتموهن متاعاً فسألوهن من وراء حجاب ".
على كل حال الألفاظ قوالب للمعانى ، الألفاظ لا تراد بذاتها إنما ما تحمله من دلالات ومضامين ، فإن كان القصد أن تغطية الوجة قضية خلافية هذا كلام مقبول فلم يزل علماء المسلمون يختلفون عبر القرون حول ستر الوجة أو تغطيته فريضة أم فضيلة ، لكن أن يأتى قائل فيقول أن تغطية شعر المرأة أو تغطية رأسها أو تغطية جسدها أن هذه قضية ثقافة أو قضية اجتماعية او قضية مجتمعات وليست قضية شرع وليست قضية دين هذا الذى لا نعرفه فى دين المسلمين ، لم يسطر فى كتاب من كتبهم وتلك دواوين التاريخ أمامنا وهذه المكتبة الإسلامية الزاخرة بملايين الكتب وقد سجلت ما أنفذته قرائح علماء المسلمين عبر القرون فدلونا على كتاب من الكتب ، دلونا على عالم من العلماء قال بمثل هذه المقولة ونحن نعلم أن الحق لم يزل يتنقل عبر القرون ليس فى صورة نصوص مجردة فحسب بل فى صورة أمة من الناس تقوم عليه "لا تزال طائفة من أمتى ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى يأتى أمر الله" فمن جاءنا اليوم بفكرة جديدة بحثنا فى تاريخنا فلم نعثر لها على آثار ، بحثنا فى عقيدتنا فلم نعقب فيها على سلف فلا شك أن قائل هذا القول يكون مفتتحاً لباب ضلالة لأن الحق لم يزل يتنقل عبر القرون لم ينقطع.
ونحن نسأل أمثال هؤلاء هل أغلق الله فهم كتابه على هذه الأمة عبر هذه القرون المتطاولة اجتمعت الأمة على فهم باطل فى آيات الحجاب عبر هذه القرون اجتمعت على فهم باطل فى نصوص الحجاب عبر القرون لم يكن فيها رجل صالح يفتح الله عليه ينير الله بصيرته لكى يدله على الحق فى هذه القضية أيريدون أن يقنعونا أن الله أضل البخارى ومسلم وأبا حنيفة ومالك وأضل الشافعى وأحمد بن حنبل وأضل أئمة الأمة وفقهائها ومحدثيها ومفسرين ودعاة عبر القرون ، اجتمعوا جميعاً على ضلالة حتى جاء هؤلاء الباحثون الجدد أو المفكرون الجدد لكى يقولوا هذا الكلام ، هذا كلام خطير اعتقد انه لا يتفق مع بديهيات العقل وأبجديات الشريعة .. المخرج من هذا كله أن من تكلم فى مسألة ليس له فيها إمام وكان مخالفا فيها لما اجتمع عليه الأئمة من قبل فهو مفتتح لباب ضلالة وقوله رد عليه ، وليس كل خلاف جاء معتبر ...... إلا خلاف له حظ من النظر .